سيدتي، انه لم دواعي سروري ان أكون أول من يخط في هذه اللوحة وجدانه، و يكتب بحبر دمه اشجانه، و يرسم ذكرى حتى لا يتم نسيانه، هذه ذكرى عزيزة على قلبي اهديها لاحبتي في كزهر اللوز:
ان لم تخني ذاكرتي فقد كان ذلك في الفصل الاول من سنه ثانية، اتذكر انها كانت تمطر بغزارة فقد كانت ليله باردة جداً، و لا اتذكر اي حدث غريب في ذلك اليوم فقد كان يومأً عادياً جدا، كل ما اتذكره ان اصدقائي في السكن كانوا قد تجمعو في الغرفة المجاورة ، فقد كان لديهم امتحان في اليوم التالي، المهم في الموضوع انني بقيت لوحدي في الغرفة، و لكن هذا لا يهم فانا اعشق مثل هذه اللحظات فانا صاحب خيال خصب جداً، لكن المشكلة هنا اني لم اتخيل المستقبل بل تذكرت الماضي، بدأت اتذكر كل شيىء فعلته منذ نعومة مخالبي (أظافري للاولاد العاديين فبالرغم من انني من اسرة محافظة و ملتزمة دينياً الا انني كنت أشذ في بعض الاحيان)، تذكرت عقوقي لوالدي تذكرت اني لا اصلي تذكرت اني كنت فضاً جدا في تعاملي، كان غرور العظمة قد سيطر على كياني، تذكرت النار و القبر و الاخرة، تذكرت يوم الحساب، تذكرت اني سوف اقف بين يدي ربي بلا حجة ، تذكرت اني نسيت سنة نبيي، لم يعد عقلي يستوعب هذا التدفق الهائل من الانتقادات اللاذعة لشخصي، عندها انتابتني نوبة غضب شديدة وبدأت اسدد اللكمات لكي شيء امامي و خصوصا ان الملاكمة هوايتي و كنت الجأ اليها لحل جميع مشكلاتي فلم اكن احترم في هذا الكون سوى القوة، فبدى لي كأني اصارع الجدران و الاثاث ، أتذكر اني بقيت اسدد اللكمات لحائط غرفتي حتى بدأت يدي تنزف دماً، كنت ازداد غضبا في كل لحظة و لم اعد استطيع تحمل البقاء في الغرفة ، انطلقت الى الشارع، و كان المطر ينهمر بغزارة، و لا اخفيكم الامر ان الكرك باردة في الشتاء و خصوصاً اني كنت اسكن في منطقة قريبة من المزار، واصلت المسير ومنذ يومها و انا اعشق الميسر تحت المطر ، لانه يخفي دموعك بماءه و يغسل القلب بنقاءه، اتذكر اني واصلت المسير حتى كدت اصل دوار مؤتة، توقفت عندما احسست ان قواي قد خارت و غضبي قد انطفىء ،توقفت و احسست ان النبض في جسدي قد توقف، لم اعد اشعر بأي شيء لا غضب لا ألم لا حب ولا اي احساس حتى الاحساس بالحياة لم اعد شعر به، لا ادري كم من الوقت وقفت على هذه الحال كل ما اذكره اني كنت واقفا انظر الى السماء التي تمطر بغزارة دون ان ارمش، عدت ادراجي خائر القوى ، اشعر ببرودة شديدة ، كانت طريق العودة طويلة جداً، البرد قارص و الطريق مظلمة جداً، ادركت انه لا احد غيري في الطريق، واصلت المسير و فوجئت بأصحابي عند باب البيت يهمون بالخروج بحثاً عني، لم يسألني أحد منهم عما حدث لي و لم ننقاش الموضوع ابداً، دخلت البيت ، ثم ذهبت فتؤضت و صليت و قطعت عهداً على نفسي ان ابدأ من جديد ...
من دفاتر أيامي.
حمزة